الأربعاء، 1 يونيو 2011

مَدْرَسة الإخوان الفكريّة || محاولةٌ لإعادة بناء العقليّة والهيكلة



كتب : محمد العتر


مـــــقـــــدّمـــــة :


بسم الله الرحمن الرحيم .

لمّا حُسِبَ الأستاذ حسن البنّا أحد مجددي القرن فلأنّ الإجماع كانَ على محاولة إحيائه لفكرة شمولية الإسلام ، وإعادة تنظيم العَمَل الإسلامي حركيّاً بناءاً على مجموعة قيم ومبادئ تحقق قاعدةً فكريّةً تأصّل للحركة الإسلامية ، التي جعلها حُضْنَ بناء الفرد المسلم ، فالأسرة المسلمة ، فالمجتمع المسلم .

إذ كان يقصد خلق بنية تنشئ فرداً مسلماً مفكّر ، ومربَّى ، ومربّي وعامل ، الفرد المسلم المتكامل من الجهات ؛ الفكرية ، التربوية ، الحركية ، بالفروع التي تشملها ، فكان – البنّا – لما عرّف جماعته قال :

دعوة سلفية ، وطريقة سنّية ، وحقيقة صوفية ، وجماعة رياضية ، وهيئة رياضية ، ورابطة علمية وثقافية ، وشركة اقتصادية ، وفكرة اجتماعية .

لقد جعل جماعته بتنظيمها حامل الفكرة وناشرها ؛ فكرة أنّ الإسلام :
" عقيدة وعبادة ، ووطنٌ وجنسيّة ، وروحانية وعمل ، ومصحفٌ وسيف "

ولقد كان سقوط دولة المسلمين الجامعة " الدولة العثمانية " شرارة انطلاقة المارد المهموم – داخل البنا- بإعادة الفكرة الإسلامية إلى موقعها الصحيح ضد هجمات التغريب التي كانت منها أمثلة الإستعمار ، فانفتح على العلماء والأئمة المفكرين من معاصريه وسابقيه ،كالمودودي ، ورشيد رضا ، والأفغاني ، ومحمد عبده . 

وظهرت شمولية فكره وانفتاحه على مجموعة الأطروحات من غيره جليّة في رسائله .

فإنّ المقصود إذا هو ضرورة إدراك أنّ التنظيم الذي أنشأه البنا كان مدرسة متكاملة ، حمل وتنشر فكرةً ودعوة ، إذ هي وسيلة للغاية ، فأن تتحول الوسيلة وبقاؤها لغاية ، فهو تحوّل واضح عن خط المسير .

وإنّ المقصود - أيضاً - توضيح أنّ التنظيم كان لهدف حماية الفكرة في الوقت الذي كانت فيه لازالت نبتةً غير مكتملة النمو داخل المجتمع ، فكان التنظيم لأجل حمايتها في إطار وضعها " مكتملة " ونشرها لتكوين المجتمع المسلم .

إنّ الإخوان المسلمين نواة المجتمع المراد ، وليست حاضنة للمجتمع ، أي أن الإخوان لمّا أسست كانت لتضرب مثلاً لمجموعة الأفراد " الكوادر " الفاهمين والمطبقين لماعني ومبادئ وقيم الإسلام الشامل ، فأنّ تتحوّل من مثال للإقتران " نواة " إلى مجتمع الفاضلين الذي يدعوا للفضيلة بالإنتماء إليه ، وتأيده " حاضنة المجتمع " فبذلك تتحوّل إلى طرحٍ شوفينيّ .

وإنّه ليتضح جليّاً في الشعار الذي أقرّه البنا " واعتصموا " أنّ الرّغبة هي لم شَمْل الأمة ، والإتحاد ، وهو ما ترجمه في غاية الخلافة " وإن كان لنا فيها رأي مخالف " فالمقصود أنّ هو أنّ الوحدة غاية ، ولكنّ في تحوّل الجماعة إلى غيرِ أن تكون وسيلة لتحقيق الطرح الإسلامي الذي يدعوا إلى الوحدوية ، وتصير الجماعة ، التنظيم الذي يسعى للحفاظ على بقائه ، ويحمل أفكاراً - وإن كانت لا واعية - كالإنغلاق والحركة داخل دائرة التنظيم والدفاع عن البقاء للتنظيم وأفراده ، والتي ظهرت جليّة في تصريحات أحد قيادات الجماعة ، والتي تأمر فرد الإخوان الزّواج من عضوة الإخوان ، وكإعلان التأسيس " لاتحاد العمل الإخواني " ، والإعلان عن إنشاء النّادي الرياضي الإخواني .. فإنه لو تمّ تحليل كل الأمثلة الثلاثة على حدى لوجدنا كارثية طرحها ، والذي يعبّر بالضرورة عن تحوّل فكريّ أصّله الدفاع الدائم للحفاظ على التنظيم . 

فتصريح زواج الدائرة المغلقة : يحمِلُ بين طيّاته فكرة الفرقة النّاجية ، التي لابدّ أنْ تتكاثر من ذاتها ، وتنجب أطفال ذو دمٍّ طاهر ، غير ملوّث من المجتمع الخارجي الجاهلي .

وإنّ إعلان تأسيس إتحاد العمال الإخواني : كارثيّ من حيثُ قصر الإفادة من طَرْح الإسلام " الفكرة " الذي تتبنّاه الجماعة على أعضائها ، وهو تأصيل لما أخبرنا عنه " تتحوّل إلى طرحٍ شوفيني " .

فإنّ تحويل مشروع الجماعة من حاملة وناشرة للفكرة والدعوة إلى غير ذلك ، هو يصيّر أفكار الأفراد فيها إلى أنّهم الفرقة الناجية داخل التنظيم الناجِ ، ليخلقوا المجتمع داخل المجتمع ويأصلّوا لجاهلية المجتمع الذي سيصلح في تنظيمهم فقط ، فيصير المفارق مارق .

وإن افترضنا أنّ ضرورة الحفاظ على التنظيم طوال الماضي هو ضرورة للحفاظ على الدعوة والفكرة التي لا يحملها غيرُ التنظيم وأفرادٌ خرجوا من عباءته بأطروحاتٍ قاصرة غير مكتملة ليجدوا تكملةً بتطرّف أو مهادنة ماحقة ، ولأنّ العلّة الدائمةَ كانت الأوضاع الأمنية الصارمة ، والتي يخفف حدتها على الفرد التزامه الجماعيّ ، فإنه الآن لم تعد الحاجة للحفاظ على التنظيم الصارم ، بل إنّ الخطوات التي تلت تغيّر الأوضاع كشدّة الإلتفاف حول الذات ، هي تعبير وتدليل واضحٌ على التخبط العقْلي داخل التنظيم الذي فَرَض ذلك .

كما أنّ حالة الصراع بين التنظيم وغيره يَحمِلُ الفكرة للصراع في غير الموضع اللائق لها ، فتُقْصى الفكرة عن الإنتشار والتجذّر في المجتمع لتقصر في إطار التنظيم الذي يحوّلها لحمايته وليبقى بريقه ببريقها ، فتصير الفكرة درع حماية " وسيلة " للتنظيم الذي يصير غاية .

وإنّ أسبقيّة حركة الإخوان في الإنشاءِ ، ترتّب عليه أسبقيّة حمل الفكرة وتجديدها ، فارتبطت الفكرة بالإخوان ، فصارت الحركة الإخوانية الممثّل الأبرز لها ، حتى أنّ كلّ من يؤمن بالطرح الإسلامي ، يعرفونه على أنّه من مدرسة الإخوان ، لهذا فإنّ أيّ تغيّرٍ في مسار الحركة والتنظيم لغير أصله يسيء بالفكرة ، ويشنعها أي تشنيع للتنظيم ، ويشوهها أي خطأ من التنظيم .

لذا فإنّ هذا الطرح - والذي هو طرحٌ  فرديٌّ للآن وغير مكتمل - يسعى لوضع تصوّرٍ لتصحيح المسار وإعادة المشروع كوسيلةٍ لنشر الغاية .
ونسعى في الطرح الحفاظ على واقعية إعادة الهيكلة العقليّة والتنظيمية القائمة على التدرّجِ المنطقي والمنهجيّ .


 مـَــــتْـــــنُ الطَّــــــــــــــــرح :


يتحدّث الطرح عبر محورين أساسيين ؛ إعادة بناء العقلية ، وإعادة بناء الهيكلة ، وإعادة البناء تقتضي التفكيك وهو ما يخلفها عن إعادة الترميم ، وتفكيك الهيكل التنظيمي وإعادة بنائه تقتضي في الحقيقة إعادةً لبناء العقليّة الإخوانية ليس لتقبّل الطرح وآلياته ، ولكنْ لتقبّل الأساس الذي قام لأجله وعليه الطرح ، وهو أنّ الإخوان المسلمين حركة تحمل وتنشر فكرة ، وإن كانت الأسبقية ربطت الفكرة بالحركة ، فهذا لا يعني أنْ يتمّ إقتصار الفكرةِ على الحركة ، وشيء آخر وهو ضرورة تطوير الفكرة .

وفي الحقيقة أنّ العقلية التي تحتاجها عملية التفكيك وإعادة البناء ، هي بالضرورة ليست العقليّة القادرة على إسداء تصريحات " االدوائر المغلقة " لذا فإنّ العقلية التي ستدير عمليات التفكيك وإعادة البناء عقليّة متحررة عن القيد التنظيمي ، وقادرة على التخلّي عن فكرة الأبوية أو البنوية تجاه التنظيم ، والعقليّة القادرة على أنْ تَعمل بشكلٍ برجماتي قيمي تجاه " الفكرة " .
وعملية تفكيك الهيكل الإداري وإعادة بنائه تقتضي التدرّج التنفيذيّ ، في حالةٍ تنظيمية معقّدة ، وإداريّةٍ متضخّمة على أن يكون خلال فترةٍ زمنيّة " أتصوّر " أنها خمسُ سَنَوات ، تبدأ بالتحوّل إلى النظام اللامركزي ، لدعم التحرر من البيروقراطية الإدارية ، حيث أنّ المرْكَزيّة وتضخّم الأجهزة الإداريّة للجماعة حوّل صيغة العملِ وغايته من مشاع الإنتاج إلى خصخصته ) إنتاجٌ إداريّ يسعى للحفاظ على الديناميكية الإدارية داخل الجماعة  )

ومن ثمّ يتم العَمَل على إلغاء العديد من التقسيمات الإدارية ، التي تخلق مجتمعاً إخوانيّاً داخل المجتمع العام خصوصاً في حال انعدام حزبيّة الجماعة ، وأرى أنّه من الأهميّة بمكان إلغاء منصب المرشد العام بصلاحيّاته المنصوص عليها والغير منصوص ، وبلفظه .حيث أنّ لَفْظَ المرشدِ العام يعطي القدسية للشخص ، أوْ الأفضليّة - للتخفيف -  ، وهو ما يتعارض مع آلية بلوغه المنصب "الانتخاب " ، أي أنّ الشخص في منصب المرشد هو نتاج حالة تفاعلٍ حيويّ  ، مما لا يعطي له الأحقيّة لممارسة دورِ الإرشاد على الجماعة ، بل يتحوّل دوره إلى ما غير أن ينتخب .
ويؤصَل لفظ المرشد العام إلى الرأي ضرورة السمع والطاعة لوليّ الأمر ؛ خليفة الله في الأرض وظلّه ومنهج أهل السنّة والجماعة لم يقرّ بعد بالإجتهاد الشيعي في ولاية الفقيه ، والمشكل هنا ليس مجرّد اللفظ وفقط ، اللفظ هو دليل عدم وضوح رؤيةٍ متكاملةٍ لما يحملونه من فكرة ، وهذا يتضّح في جوانب أخرى من محاولات المهادنة - المتجاوزة للمنهجيّة والعلمية - مع الأيديولوجيات والأطروحات الفكريّة الأخرى .

كما أنّه كلّما تطوّر الهيكل الإداري " تعقّد " كلما تطور العمَل على الحفاظ على بيروقراطيته تماشياً مع تطور الأجهزة الإدارية ، مما يعطّل العمل العام ، ويعوقه ، فوجود تقسيمات إدارية متشعّبة للغاية يؤدي إلى عمليات إدارية مرهقة ، لا يكتنفها الإنتاج الحرْ ، لذلك لابد من الوصول بعد عمليّة التفكيك الممنهجة إلى بناءٍ إداريّ بسيط ، يتّفق مع كَوْنِ الإخوان مدرسة فكريّة .




-ماذا يعني : الإخوان مدرسة فكريّة ؟

إنّ ضِمْنَ عمليّة إعادة البناء العقليّ ، أن يتم تفهّم القاعدة التي تقول : " الفكر يسبق الحركة " ، والأمر بالأخص في حالة الإخوان ، ومما وضحناه في المقدّمة أنّ الإخوان المسلمين جمعٌ يحمل فكرة شمولية الإسلام للمجتمع ، ويمثّل ذلك الجمع مثالاً ، ولكن في حالة قصور الطرح الذي يحمله يصبح لافائدة حقيقية من بقاء الجمع .
ففي الحقيقة الآن الإخوان كجماعة تصارع وتدافع عن لاشيء ، أو مجموعة شعارات وأدبيّات تقول أنّ الإسلام دين شامل ، وأنه دين ودولة ، وعبادات ومعاملات ، ولكنْ دون أنْ توضّح كيف أنّه دين شامل ، ودين ودولة ، وعبادات ومعاملات ، بشكلٍ منهجي علمي يحتفظ بأصولية قيمه ومرجعيّته .

وحقيقة إشكالية قصور أو انعدام وجود حقيقي لطرح مكتمل تتبنّاه حركة الإخوان ظهر في التجمعات والفرق التي خرجت من تحت عباءة الإخوان ، والأفراد ، إذ ظهرت الحركات التي حاولت إيجاد تصوّر " مكتمل " تتبنّاه وتسير عليه ، وكذلك الأفراد الذين تبنّوا أطروحات فكريّة مختلفة تماماً كمحاولة للمهادنة بين المرجعية الإسلامية -غير واضحة الملامح بالنسبة إليهم-  والقيم الأخرى كالديموقراطية والليبرالية ، رغم عدم منهجية محاولة الجمع هذه .

وهذا يَحمِلُنا إلى حالة قصور أخرى وهي انعدام التأسيس الثقافي والمعرفيّ داخل الجماعة وفي مناهجها التربويّة ، وللتخفيف سنقول قصورها البالغ ، فانعدم ظهور المفكرين من الحركة الإخوانية المحليّة والعالمية حتى .

إذا ولارتباط الحركة بالمنهج الإسلامي ، وارتباط المنهج الإسلامي بها ؛ لأسبقيّتها ، لابد أنْ توجّه كل الجهود لتقديم طرحٍ متكاملٍ ومنهجيٍّ ومؤصّل لنظامٍ إسلاميٍّ شامل مرجعيّته الأساسية ؛ الله الحق ، وقيمته الأولى العَدْل ، وأنْ تجمع كل عالم ومفكّر له ولو جزء من طرح يقوم على أسس الشريعة الإسلامية وبشكلٍ علمي ، منهجيّ  ،

، وبهذا تؤدّي الدور الأوّل المنوط بها بعد عمليّة إعادة بناء الهيكل الإداريّ ، وإنّ عملية تجميع الجهود وتوجيهها لتقديم طرحٍ  لنظامٍ إسلاميٍّ متكامل ، محتفظٍ بأصوليته لا يحتاج إلى مهادنة هو الأساس لتكون حركة الإخوان مدرسة فكريّةً ، تبعدها عن ساحة الصراع ، وتوسّع دائرة الحلفاء ، وتضيّق دائرة الأعداء للفكرة ، إذ انعدم الوجود التنظيمي للجمع . 

وإنّ الدورَ الثاني في عملية إعادة بناء العقليّة ، وبعد عملية إعادة بناء الهيكلة ، هو إعداد الفرد " المسلم " المتجرّد للفكرة . وعمليّة الإعداد والتأهيل تكون على المستويات : الفكريّة ، التربويّة ، الحركيّة .
فتنشئ المسلمَ المفكّر ، صاحب الرؤية الواضحة للحياة وفق منظورٍ إسلاميّ ، أخلاقيّ ، وبقدرةٍ حركيّةٍ يستثمرها لنشر رؤيته وفق الطرق التي يجدها أمثل . 
فَتخرّج الجماعة فرداً مسلماً " وليس إخوانيّاً " للمجتمع ، فينشئ حزباً ، أو مؤسسة ثقافيّة ، أو مدرسةً أو جمعيّةً خيرية .
ومعنى تخريج الأفراد المسلمين المؤهلين ، وليس الأفراد الإخوانين ، هو أن يتمّ تصحيح عقليّة الحركة ، فالحركة تحمل الفكرة المنهجيّة ، والوسيلة التربويّة ، والتعليميّة ، فتنشئ للمجتمع بدل الحزب ، عشرات الأحزاب ذات رؤى واضحة ، ومتقاربة تعمل على التنافس في إطار " وفي ذلك فليتنافس المتنافسون " ؛ التنافس الأخلاقي ، بناءاً على الوسيلة التربويّة التي مرّوا خلالها في مدرسة الإخوان .

وبذلك تتحق الغاية ؛ " بناء المجتمع المسلم " ، لأنّ المجتمع المسلم لن يبنى - حقيقة -  بعقليّة الدائرة المغلقة ، لن يبنى بمشاريع الدائرة المغلقة ، لن يبنى بتبني أفكار الدائرة المغلقة .

وإعداد الكوادر القيادية المسلمة ، وليست الإخوانية ،إذ أنّ حالةَ الإنتماء التنظيمي تأسس لغير ما يحمله شعار " واعتصموا " المقرّ في الشعار البصري للجماعة ، الداعي للوحدوية ، التي كانت أحد أسباب امتناع حسن البنا عن التحزّب ، فتنامي حالة الإنتماء للتنظيم يؤدي لنظرة إستعلائية ، إقصائية ، شوفينية .. كما أنه مَنْعٌ حقيقي لفكرةٍ عامةٍ عن العامة ، وقصرٌ - لا واعي - للنجاة على التنظيم . 

إذ لابد من إدراك أنّ ما تحمله الجماعة من دعوةٍ ليس حكراً لها ، وأنّها إذ موضعت ذاتها في موضع الحامل ، فلابد من تأدية دورها وواجبها ، وأنّها في وقت تبديل الأدوار بينها وبين الدعوة فإنها لا تستوجب البقاء للدعوة إلا بفنائها " الجماعة " .

وعندما يتخرّج من مدرسة الإخوان كوادر " إسلاميين " ، يحملون الفكر " الإسلامي " ليعودوا إلى مناصبهم داخل المجتمع ، أو ليأسسوا داخله ، فإنّ انتشار الفكرة ، وتجذّرها في المجتمع يتحقق بسلاسةٍ أكثر .

فتخرج " مدرسة الإخوان " عن دائرة الصراع السياسي ، وتفتح الباب لكلّ مفكرٍ سيضفي للطرح تكملة ، أو يبني نقداً ، ولكلّ عالمٍ ربّاني يحمل أسلوباً لإنشاء جيلٍ أخلاقيّ ، وكل صاحب خبرةٍ عمليّةٍ إداريّة .

وتقتصر أدوات الإعلام لدى " مدرسة الإخوان " على عرض أطروحات المدرسة الفكرية ، ونقدها وتجديدها ، وتطويرها ، واستخدامها للدعوة ، فتنأى عن أي صراعٍ سلطوي أو منفعيّ .




- وســـــائــــل مــــتــــــصـــــوّرة :

مدرسة الإخوان الفكرية ستنشأ إداريّاً نتيجة تفاعلٍ " مجتمعيٍّ " حيويّ داخلها وداخل وسائلها التي ستتعدد ما بين المدارس والجامعات الأهلية ، والمؤسسات الثقافية ، والتي سيتمّ إدارتها من قبل مجموعة من " الخبراء " الإداريين والتعليميين ، دون أي سلطةٍ عليها ، ويتمّ ملأ هيكلها الإداري بطريقةٍ بتفاعلٍ مجتمعيّ حيويّ .

ويتمّ الابتعاد عن ممارسة أي صراعٍ سياسي أو أي صراعٍ نفعيٍّ ماديّ ، فالإخوان مدرسة تخرج الكوادر للسياسة ، بطرحٍ إسلاميٍّ متكامل ، وللثقافةِ بنظرةٍ إسلاميّةٍ قيميّةٍ .

ويتمّ وضع الطرح المتكامل الذي تحمله وتنشره " مدرسة الإخوان " كبرنامجٍ لحزب العدالة والحرّية ، الذي سيتم فصله نهائياً عن مدرسة الإخوان بشكل تلقائي بعد عملية التفكيك وإعادة البناء لأنّه لن يصير هناك أفراد إخوان ، ولن يصير هناك تنظيم الإخوان ، إنما مدرسةٌ ضامّة تحمل فكرة للمجتمع ، وتنشئ كادراً للمجتمع . 
ويُتْرَكُ الحزب لعملية التفاعل المجتمعي الحيويّ فيه ، ليكون كغيره من الأحزاب التي تتبنى طرح " مدرسة الإخوان " .



نِــــــــهَـــــــــايَـــــــــــتُـــــــــــــه :


في الحقيقة لابدّ من تنحيَةِ انحيازاتنا في الوقت الذي نقرأ فيه أطروحاً مختلفاً ، خصوصاً بخصوص الحركة الإسلامية \ الفكرة الإسلامية الشاملة . ما أقصده - مرّة أخرى - هو الحياد أمام انتمائنا ، وهذا الطرح العفويّ ، والفردي .

كما لابدّ أن ندرك أنّه ما نحمله من فكرة هي للبشرية كلّها ، في الحقيقة نحن نحمل الدعوة الإسلامية ، وفي الوقت الذي سنقصّر في إيصالها ، رغماً أو رغبةً ، أدركنا أو لم ندرك ، فسنسأل عن ذلك .

هذا الطرح ، ودعوتي إلى ضرورة إستقلال الأفراد كلهم من تنظيم الإخوان ، هو لأجل إدراك المعنى الحقيقية للفكر الذي يحملونه ، إنهم لا يحملون الفكر " الإخواني " إنّهم يحملون الفكر " الإسلامي "  ، وإن كانوا ليسوا كذلك ، لكنّ الأسبقية التي تحدثنا عنها ستجعلهم كذلك رغماً عن الآخرين . وأن يبقى التنظيم فهذا يعني أنّ الله في السماء والتنظيم في الأرض . 

علينا جميعاً أن ندرك أنّ أداءنا لدورنا كدعاة ، لا يكون بالحفاظ على فكرة الدعوة وحمايتها ، دون نشرها ، إنّ قوّة الفكرة ، ومنهجيّتها ، وحقيقتها هي الدروع الحقيقيّة للفكرة ، وما علينا فعله مجرّد الدعوة " و ما عليك إلا البلاغ المبين " . وإن كانت الجمع تساعد على تأدية الدعوة فاجعل من المجتمع جمعك ، ولا تخلق مجتمعاً داخل المجتمع ليكون جمعك لدعوة المجتمع العام ، فتخلقَ شعور الفئة الناجية في مواجهة مجتمع الجاهليّة .

سيكون من اللطيف للغاية اليوم الذي سيعلن فيه عشرةُ رفاق ، أنّهم من lدرسة الإخوان ، وأنّ كلاً منهم يؤسس حزباً يحمل فكر مدرسة الإخوان .

وسيكون لطيفاً للغاية اليوم الذي سيعلن فيه جمعٌ إنشاؤهم لاتحاد عمالي ذو طرحٍ إسلامي تقدمه مدرسة الإخوان فتتغلغل الدعوة داخل المجتمع بدلاً من أن تأخذ منحىً صراعي عن طريق " إتحاد عمّال الإخوان "   



ملحوظة : هذا الطرح تصوّر " عفويّ " فرديّ غير مكتمل ، وهو خطوط عريضة لا ترق لتأصيلٍ تفصيلي ولذا فإن الإقتناع بالطرح وجدواه يتيح لكل فرد وضع النقد البنائي عليه لتكتمل منهجيته

ليست هناك تعليقات: